اختر اللغة

البحث

طرائق التدريس الحديثة

*الكاتب : د. أحمد حسن محمد علي

المقدمة:

يشير مفهوم طريقة التدريس إلى ” كل ما يتبعه المعلم مع المتعلمين من إجراءات وخطوات متسلسلة متتالية مترابطة لتنظيم المعلومات والمواقف والخبرات التربوية، لتحقيق هدف أو مجموعة أهداف تعليمية محددة”. وقد يبدو من التعريف السابق أن تسلسل الخطوات وترابطها هو الضمان لجودة طريقة التدريس، إلا أن ذلك غير صحيح، فلا يوجد أي ضمان لجودة طريقة تدريس إلا المعلم ذاته.

أولا: أهداف طرائق التدريس الحديثة وعوامل نجاحه             

يؤكد التربويون أن طرائق التدريس الحديثة تهدف إلى إكساب المتعلم مجموعة من الأهداف والقيم والخبرات والقدرات،  يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
  • إكساب المتعلمين الخبرات التربوية المخطط لها.
  • تنمية قدرة المتعلمين على التفكير العلمي عن طريق أسلوب حل المشكلات.
  • تنمية قدرة المتعلم على العمل الجماعي التعاوني أو العمل في مجموعات.
  • تنمية قدرة المتعلمين على الابتكار أو الإبداع.
  • مواجهة الفروق الفردية بين المتعلمين.
  • مواجهة المشكلات الناجمة عن الزيادة الكبرى في أعداد المتعلمين.
  • إكساب المتعلمين القيم والعادات والاتجاهات المرغوبة لصالح الفرد والمجتمع.

ثانيا: الأسس المعتمدة في اختيار طريقة التدريس

قاعدة: (لا توجد طريقة تدريس يمكن وصفها بأنها أحسن الطرق)
يمكن القول إنه لا توجد طريقة محددة يمكن وصفها بأنها أحسن طريقة في التدريس وينصح بها للمعلمين، وإنما تتحدد الطريقة المثلى ببعض العوامل وهي:
1- أن يختار المعلم طريقة التدريس التي تناسب أهداف الموضوع المراد تدريسه، فتنمية الذوق اللغوي والأدبي لدى الطلاب تحتاج إلى طريقة المناقشة والحوار، أو طريقة الندوات؛ لتبادل الآراء حول قضية شعرية مثلا، ودروس الصرف تحتاج إلى طريقة القياس أو المحاضرة أكثر من غيرها.
2- أن تتوفر لدى المعلم المهارات اللازمة لتنفيذ طريقة التدريس بنجاح، فإدراك المعلم منظومة مهارات التدريس متكاملة  يمكِّنه من أن يقرر متى يستخدم المهارات الرئيسة كاستخدام الوسائل التعليمية، أو المهارات الفرعية كالتهيئة أو الصمت أو التعزيز… إلخ.
3- أن تتوفر لدى المعلم الخصائص الشخصية المناسبة التي تمكنه من تنفيذ طريقة التدريس بنجاح، والمقصود بالخصائص  الشخصية السمات الطبيعية التي وهبها الله له في شخصيته وفي ملامح وجهه وصفاته الجسمية التي تعينه على أداء عمله.
على سبيل المثال فإن المعلم الذي ينجح في استخدام “طريقة المحاضرة” غالبا ما نجده يتمتع بشخصية مؤثرة ونبرات صوت قوية، فإذا افتقر المعلم لهذه الصفات الشخصية فستكون محاضراته غير مؤثرة في تحقيق أهدافها، ومن ثم تفشل طريقة التدريس.
مثال آخر: إذا كان المعلم خفيف الظل فعليه أن يوظف ذلك في إضفاء روح المرح على درسه، ومن ثم تناسبه طريقة تمثيل الأدوار أكثر من غيرها. مثال آخر: المدرس الجاد عليه أن يوظف حزمه في تعليم الطلاب احترام المواعيد والدقة في أداء الواجبات… وهكذا، فكل معلم لديه ما يميزه، ومن ثم عليه أن يوظف تلك المميزات في خدمة الدرس والطلاب.
4- أن يدرك المعلم خصائص النمو لكل مرحلة دراسية وطرائق التدريس التي تناسبها، ففي التعليم العام نجد أن طفل  المستوى الابتدائي يتميز بالقدرة على المحاكاة والتعلم السريع للغات في سياقها الطبيعي، دون تحليل بنيتها وخصائصها، وهو بصفة عامة مازال في مراحل النمو الأولى للعقل والجسم، وبالتالي يحتاج إلى معاملة تختلف عن طالب المرحلة الإعدادية، الذي بدأت تظهر عليه علامات البلوغ وتكوين الشخصية، ونمو بعض مهاراته العقلية كالتحليل والتذوق، أما طالب المرحلة الثانوية فإنه يمر بتغيرات جسمية وعقلية سريعة، تتطلب من المعلم أن يراعيها أثناء تدريسه، كنمو قدرته على الإبداع والتذوق الأدبي نموًّا أكبر.
وفيما يخص تعليم الأجانب فعلى المعلم أن يدرك خصائص طالب المستوى المبتدئ الذي يشعر بغربة وخوف من اللغة المتعلمة، بينما يختلف الأمر عند طالب المستوى المتوسط الذي بدأ يعتاد على طبيعة اللغة وثقافتها ومداركها، أما طالب المستوى المتقدم فقد عايش اللغة فترة طويلة، ويريد أن يتعمق في خباياها وهكذا.
5- خبرة المعلم تؤثر في اختياره لطريقة التدريس المناسبة لدرسه، فالمعلم ذو الخبرة الكبيرة يكون قد ألِف بعض الطرق عن  غيرها، وأدرك ما يناسب درسه، أما المعلم القليل الخبرة فعليه الاستعداد أكثر من غيره لاختيار الطريقة المناسبة… إلخ.
6- طبيعة الخطة الدراسية تؤثر على اختيار الطريقة المناسبة للتدريس، فقد تضطر كثافة الخطة أن يختار المعلم بعض الطرائق المباشرة التي لا تحتاج وقتا، أو بعض الطرائق قليلة التكلفة، أو بعض الطرائق المبتكرة التي تشجع على الإبداع… إلخ.
7- مدى توافر الوسائط التعليمية يؤثر على طريقة التدريس، والمقصود أنه إذا توافرت هذه الوسائط كان ذلك معينًا للمعلم  على استخدام طرائق حديثة كالاستكشاف والعُروض العملية وغيرها، أما إذا غابت  فلن تكون هناك حرية كافية للمعلم في استخدام طرائق التدريس المناسبة.
8- طبيعة المناهج والمدة الزمنية المحددة لإنجازها تؤثر على اختيار طريقة التدريس، فإذا اعتمدت طبيعة المناهج على  الجوانب النظرية انعكس ذلك في استخدام طرائق التدريس التقليدية، أما إذا بُنِيَ المنهج على أساس التعلم الذاتي والتطبيقات العملية تطلب ذلك استخدام طرائق أخرى متنوعة.
9- التوجيهات الرسمية تؤثر تأثيرًا واضحًا على اختيار طرائق التدريس، فإذا كانت توجهات الدولة مركزية، ولا تسمح  بالديمقراطية والمرونة في اختيار المناهج والأهداف، انعكس ذلك على طريقة التدريس التي ستعتمد تلقائيا على أسلوب التلقين والمحاضرة، أما إذا اعتمدت الدولة على فلسفة الحوار والديمقراطية فإنها ستسمح بالمرونة في اختيار الأهداف التعليمية، ومن ثم التنوع في اختيار طرائق التدريس.
10- عوامل البيئة الخارجية تؤثر حتما في اختيار طريقة التدريس، فإذا كانت هناك إمكانات مادية سيمكن للمعلم أن يختار  طريقة التدريس المناسبة، أما إذا كانت البيئة الخارجية ضعيفة فلن يستطيع المعلم مثلا إجراء التعلم بالاستكشاف، كأن يقوم برحلة دراسية لمكان ما أو لبلد ما… وهكذا.
11- ميول المتعلم واستعداداته تؤثر على اختيار طريقة التدريس، فالطالب الذي لديه استعداد قوي يشجع المعلم على  اختيار الطرائق الإبداعية المتجددة، أما الطالب ذو الاستعداد الضعيف فلا يشجع المعلم على الابتكار والتجديد في طرائق التدريس.
12- عدد المتعلمين في الفصل الواحد يؤثر على طريقة التدريس، ففي حالة الفصول المكتظة يلجأ المعلم إلى استخدام  طرائق خاصة كالتعلم التعاوني، أما الأعداد القليلة فتجعل المعلم يختار طرائق أخرى كحل المشكلات والاستكتشاف… إلخ.
أخيرا … قد لا يقتصر الدرس الواحد على طريقة واحدة، بل قد يحتاج الدرس الواحد إلى استخدام عدة طرق، ولا يؤثر ذلك على إنجاح الدرس، فالحوار قد يكون مع الاستقراء وقد يكون مع البيان العملي وقد يكون مع الإلقاء، وقد يبدأ الدرس بطريقة وينتهي بطريقة أخرى، وكل ذلك متروك لِفِطنة المعلم وحكمته ومعرفته بفن التدريس.