الكاتب :طارق السواط
مقدمة*
تشهد أنظمة التعليم تغيرات كبيرة في المؤسسات التعليمية، ومع ظهور عصر العولمة ومجتمع المعلوماتية الإلكترونية بالشكل المتسارع الذي نلمسه جميعا، والتطور الهائل في شبكة المعلومات الدولية، وزيادة الخدمات التي تقدمها، وما صاحب ذلك من ظهور مفاهيم المدارس الإلكترونية والجامعات الافتراضية وغيرها، أصبحت النظم التعليمية في مواجهة الكثير من التحديات الضخمة التي يجب التصدي لها بفكر تربوي جديد و استراتيجيات متطورة حتى يمكن إعداد الأجيال القادمة التي تمتلك مهارات التعامل مع متغيرات القرن الحادي والعشرين، ودمج مهاراته المختلفة والاستفادة منها حيث تتحول المدارس من مجرد منشآت تعنى بنقل المعارف فحسب إلى مراكز شاملة للابتكار والتنوع والتعاون بين الأفراد، وإحداث نقلة نوعية في الأهداف التي تسعى لتحقيقها ليكون التركيز على إكساب المتعلمين مهارات القرن الواحد والعشرين، وذلك بدلاَ من التركيز على إكساب المتعلمين المعلومات التي تقل قيمتها في عالم دائم التغيير.
وتعد المدرسة الإلكترونية والتعليم الإلكتروني من أهم المقومات الأساسية التي تركز عليها الدول ومؤسساتها في بناء مستقبلها في عصر المعلومات، وتمثل المدرسة الإلكترونية إحدى صور مدرسة المستقبل والتي أصبحت شبكة الإنترنت وشبكات الكمبيوتر تتصل فيها داخل المدرسة وبين المدارس وبعضها وتمثل عاملا أساسيا في تصور هذه المدرسة مع وجود علاقة بين المدرسة والمنزل من خلال الشبكة. كما أصبح للمعلمين دورهم في الإفادة من منافع الشبكة لخلق البيئة التعليمية المناسبة داخل الفصل الدراسي مع تحديد مواقع الطلاب المشاركين على الشبكة حول العالم بين المدارس المختلفة لإجراء حلقات النقاش بينهم وتوسيع دائرة الإفادة من مصادر التعلم الإضافية عبر الشبكة العالمية (Hall 1997, 132 )؛ Barron and Ivers ,1998,32) ).
تستعرض هذه الورقة البحثية خطة دمج المدرسة الإلكترونية في التعليم السعودي العام باستخدام نموذج هافلوك وزلوتولو، حيث تضمنت هذه الخطة بالتفصيل: ماهية المدرسة الإلكترونية ومزاياها وأهدافها والنظريات المرتبطة بها، وماهية مفهوم التغيير وأهميته وخصائصه، ونبذة عن نموذج هافلوك وزلوتولو، وكيفية توظيف مراحل النموذج في عملية دمج المدرسة الإلكترونية في التعليم السعودية.
ماهية المدرسة الإلكترونية
ظهر مفهوم المدرسة الإلكترونية بوصفه أساسا لتطوير التعليم والتي تهدف إلى تخريج أجيال أكثر مهارة واحترافية وإلى خلق مجتمع متكامل ومتجانس من المعلمين والطلبة وأولياء الأمور ارتكازه على تقنيات المعلومات والاتصالات ووسائل الشرح والإيضاح، ويلاحظ أن هذه المدرسة تختلف عن المدرسة التقليدية في فلسفتها وأهدافها وإدارتها ونوعية المعلمين والبنى التعليمية وطرائق التدريس، فهي تهتم بالتنمية الذهنية للمتعلم ولا تقتصر على تنمية بعض المهارات في التعامل مع التقنيات الحديثة فقط (مراد، 25،2005).
تعد المدرسة الإلكترونية من المقومات الأساسية التي تركز عليها الدول ومؤسساتها في بناء مستقبلها في عصر المعلومات والإلكترونيات، وهي مدرسة تطبق المناهج العصرية المتطورة التي تتفاعل مع متطلبات العصر، من خلال استخدام جميع الوسائل التقنية الحديثة، حيث ظهرت فكرة المدارس الإلكترونية، ومن الواضح أنه سيكون لها مستقبل باهر، إلى حد أن البعض يتوقع بل يؤكد أن المدارس الإلكترونية هي الأسلوب الأمثل والأكثر انتشارا واستخداما للتعليم والتدريب في المستقبل القريب (عامر، 24،2007).
ويعرف كلاً من ذيب والخطيب (5،2011) المدرسة الإلكترونية بأنها ” تلك المدرسة التي تتيح لطلبتها استخدام التقنيات التعليمية الحديثة من حواسيب وبرمجيات مرتبطة بشبكة الإنترنت، حيث تتم عملية التعليم بها إلكترونيا سواء داخل حجرة الصف أو خارجها، وتشجع الطلبة على التعلم الذاتي، والحصول على خبرات لا يمكن الحصول عليها بوسائل أخرى، وتمكنهم من التواصل إلكترونيا مع بعضهم البعض والمعلمين والمواد المقررة” .
ويرى الملاح (2010، 8) أن المدرسة الإلكترونية “تعتمد على تكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع في العملية التعليمية بكافة جوانبها”، سواء من الناحية الإدارية الخاصة بالمدرسة من خلال رصد علامات الطلبة ومتابعة عملية الحضور والغياب، إضافة إلى العديد من المهام الإدارية الخاصة، علاوة على ذلك يمكن لأولياء الأمور متابعة مستوى أبنائهم من خلال الموقع الإلكتروني الخاص بالمدرسة، كما أن هذه المدرسة تتخطى في خدمتها أسوار المدرسة لتقدم خدماتها للمجتمع المحيط بها بعد أوقات العمل الرسمية، ومكتبة المدرسة الإلكترونية مكتبة إلكترونية، إضافة إلى العاملين بها فهم مدربون على استخدام الأجهزة التكنولوجية كل حسب طبيعة عمله، وذلك لتحسين مستوى التعليم داخل المدرسة أو خارجها، ولا ننسى دور الطالب في المدرسة الإلكترونية فهو إيجابي يبحث عن المعلومة بنفسه، يتعلم باللعب والحركة، يجري التجارب ويتصل بالمجتمع، بالإضافة للتعلم من خلال العمل.
ويمكن القول أن المدارس الإلكترونية يمكن أن تكون نظامية أو غير نظامية، فالمدارس النظامية هي التي يتعلم منها الطالب في ضوء خطة موضوعة وبإشراف مجموعة مشرفين متخصصين وبأجهزة للطلاب في أماكن محددة تحتوي على التجهيزات والإمكانات الملائمة والتي تسمى الفصول الإلكترونية، أما المدارس الإلكترونية غير نظامية هي التي يتعلم بها الطالب في أي وقت وفي أي مكان وبأي أسلوب، ويمكن الدمج بين هذين النوعين من المدارس (التودري، 4،2004).
ويمكن القول بأن المدرسة الإلكترونية هي مؤسسة تعليمية تقدم على الأقل بعض المقررات الدراسية المعتمدة على الويب والمصممة للمتعلمين من مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثالث الثانوي (K-12)، أما استخدام البريد الإلكتروني والتخاطب (الشات) أو مواقع الويب المدعمة التي تستخدم لدعم التعليم في الفصول والكليات التقليدية فلا يمكن اعتباره تعليماً معتمداً على الويب من وجهة نظر هذه المؤسسة، كما أن استخدام مقررات معتمدة على الحاسب الآلي، والتي تستخدم فيها الأقراص المدمجة أو البرامج التي يتم تحميلها على الحاسب الآلي للطالب لتقديم المقرر (وهي الطريقة الأخرى الشائعة)، فهي أيضاً لا تعتبر في هذا السياق من تطبيقات ما اصطلح عليه بالمقرر المعتمد على الويب (العبادي، 2003، 20).
مزايا المدرسة الإلكترونية
للمدرسة الإلكترونية العديد من المزايا التي من خلالها جعلت الكثير من دول العالم المتقدم وحتى النامية تنظر إليها من أجل تطوير وتحسين العملية التعليمية، ولمواكبة التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع بشكل كبير جدا ومن أهم ميزات المدرسة الإلكترونية (الحلفاوي، ،16،2006؛ التودري، 18،2004):
- حل مشاكل التعليم التقليدي، ومن هذه المشكلات: الأعداد الكبيرة وحل مشاكل المواصلات والبعد الجغرافي.
- انخفاض تكاليف الدراسة بالمقارنة مع الطريقة التقليدية، وانخفاض تكاليف انتاج المواد الدراسية.
- تطور مهارات الطلاب من خلال توفير خيارات تعليمية عديدة لكل من المعلم والطالب.
- زيادة دافعية الطالب للتعليم وتشجيع التعلم الذاتي.
- بث الطاقة في نفوس الطلاب والشعور بالثقة والمسؤولية.
- تعتبر المدارس الإلكترونية أكثر تشويقا بالنسبة للطالب، وملائمة هذه النوع من التعليم للطلبة في ضوء المتغيرات التقنية.
- تزويد جميع عناصر العملية التعليمية بالقدرة على تبادل المعرفة والمعلومات بين المدارس وتبادل التغذية الراجعة من خلال إمكانية الاتصال بالخبراء في مختلف المجالات.
- زيادة جودة التعليم وزيادة فاعلية التعليم والبعد عن الروتينية والنظام التقليدي، وزيادة الفاعلية بين المعلم والطالب.
- تعدد مصادر المعلومات وقواعد البيانات المؤثرة بإيجابية على التعليم وسرعة تحديثها.
- تنوع طرائق التدريس وتعددها وتحسين نوعية التعليم وجودته مما يساعد على محاربة العديد من القضايا المتعلقة بالتعليم كمحاربة الدروس الخصوصية، وتوفير الوقت والجهد بحيث يمكن للطالب في أية لحظة، وإعادة الدرس مرات عديدة بكل سهولة وكفاءة.
أهداف المدرسة الإلكترونية
تعد المدرسة الإلكترونية مؤسسة تربوية تعليمية تعنى ببناء المتعلمين بناء شاملا وتهدف إلى ترجمة غاية التعليم وأهدافه إلى سلوك وقيم، ومن أهداف المدرسة الإلكترونية Evgueni ,2002,42)&(Mariana :
– توفير بيئة تعليمية تفاعلية وتربوية تخدم المتعلم والمجتمع.
– بناء الفرد بناء شاملا للجوانب العقلية والوجدانية والحركية والسلوكية.
– توظيف التقنية الحديثة لخدمة العمل التربوي.
– تطوير النظم التربوية باستخدام أسلوب علمي مناسب.
– التطلع إلى المستقبل والقدرة على التعامل مع متغيراته مع المحافظة على ثوابت الأمة وقيمها.
– تحسين المخرجات التعليمية من خلال تجويد العمليات التعليمية.
– إعداد المتعلمين لمواجهة التحديات الصعبة والتغيرات المتلاحقة ودعم التفاعل بين الطلاب والمعلمين وذلك بإتقانهم للتقنيات التربوية الحديثة.
– تطوير فكر ومهارات المعلم وبالتالي أساليب الشرح.
– نشر التقنية في المجتمع وإعطاء مفهوم أوسع للتعليم المستمر.
المدرسة الإلكترونية ونظريات التعلم
النظرية البنائية الاجتماعية
أسَّسَت النظرية البنائية الاجتماعية على فكرة التفاعل مع المجتمع، الذي تعده الأداة الأساسية لتطوير التفكير لدى الطلاب، ومن ثم تتكون لديهم القدرة على تنفيذ النشاطات التعليمية بفاعلية، وقد أكد فيجوتساكي (Vygotsky,1978,21 ) أن التفاعل الاجتماعي من أهم متطلبات تطوير المستويات العليا من التفكير، وهو ما يؤدي إلى أن يكون الطلاب قادرين على الابتكار والإبداع.
وفي ضوء مبادئ النظرية البنائية الاجتماعية أشار ستافردس (Stavrdes,2011,13-24) إلى أن الطلاب نشطون واجتماعيون لتحقيق التفاعل، وأن الهدف من التفاعل والممارسة هو السعي إلى بناء التفكير الناقد والإبداع وتطوير أعلى مستوى من التفكير.
ويشير بونك (Bonk,2009,16) على أن تطبيق أدوات التعلم الإلكتروني الموجودة في المدرسة الإلكترونية، مثل: المنتدى، والبريد الإلكتروني، والفصول الافتراضية، تزيد تفاعل الطلاب وتعزز تشاركهم، ومن ثم فسوف يكون الطلاب قادرين على اشتقاق أفكار جديدة، ونشر المعلومات والمشاركة بالمعارف، ومناقشة موضوعات جديدة، والبحث عن حلول جديدة يمكن تطبيقها.
وذكر أليس وجوديير ((Ellis & Goodyear,2010,6 أن استخدام أدوات التعلم الإلكتروني في المدرسة الإلكترونية يقوي تواصل الطلاب مع أعضاء هيئة التدريس، ويقدم مفهوما جديداَ للتعلم والتصويب لأي معلومات غير مفهومة، بالإضافة إلى تشجيع الطلاب على ربط أهدافهم بالبيئة الخارجية.
ونظرا للدور المهم والمؤثر لأدوات التعلم الإلكتروني في المدرسة الإلكترونية على التطوير المعرفي، فقد ذكرت هيرنجتون وريف وأوليفر (Herrington, Reeves, and Oliver,2010,45) أنه من خلال هذه الأدوات يستطيع الطلاب الوصول والحصول على المعلومات ومعالجتها، و بناء على ذلك، تكون أدوات التعلم الإلكتروني في المدرسة الإلكترونية مناسبة لتطوير ما سبق في ضوء التفاعل والتواصل بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
نظرية التواصل الشبكي
ظهرت النظـرية التواصلية (connectivism) نتيجة لأعمال جورج سـيمنز (Siemens, G , 2005,5-43) من جامعة مانيتوبا، الذي اعتبر التعلم بناء شبكيا (Learning as Network Creation) في العام 2005م، ومقدمة دونز “مقدمة في المعرفة التواصلية” (An Introduction to Connective Knowledge) في العام 2005م، ومناقشتهما الأفكار المتعلقة بالمعرفة الموزع، ومن ثم قدما “نموذج التواصل الشبكي” باعتباره نموذجا جديداَ للتعلم في العصر الرقمي، يناسب التطورات الجديدة في مجال التكنولوجيا الرقمية، وفي ظل عجز نماذج التعلم التقليدية عن تقديم تفسيرات لطبيعة الجيل الثاني للتعلم الإلكتروني (Rita K. and Adrian e-learning 2.0 H , 2008) ويمثل نموذج التواصل الشبكي الجيل الثالث من نماذج التعلم من بعد، والذي يعتبر التعلم عملية بناء شبكات من المعلومات والتواصل والمصادر وتطبيقها في حل المشكلات بناء على الافتراضات بتوفر الإتاحة للتقنيات الشبكية (الصالح، 2013، 12). إذ يفترض هذا النموذج أن المعرفة في هذا العصر، تتصف بأنها ذات زخم هائل وبينية التخصصات، الأمر الذي يضعف من قدرة الفرد على معالجة كل المعارف التي يحتاجها وتكوين معنى لها بمفرده، لذا؛ يكون على المتعلم الانخراط طيلة حياته في شبكات للتعلم لتحقيق هدفين في آن واحد هما: التعلم، وإنتاج المعرفة (Siemens, 2008,9).
أساليب التواصل الإلكتروني الشبكي
أشار الشريف (2006، 17) إلى أن أسلوب التواصل الإلكتروني الشبكي يتوقف على مبدأ الآنية أو عدمها، ومن ثم فإن للتواصل الإلكتروني الشبكي نوعان؛ هما:
- التواصل التزامني (Synchronous): هو أسلوب يعتمد على تواصل أفراد مجموعة التعلم التشاركي في الوقت نفسه حتى يتم التفاعل المباشر وتبادل الحوار بينهم، وذلك من خلال الدردشة (Chat)، أو مؤتمرات الفيديو (Video Conference) والقاعات الافتراضية (Virtual Classroom)، إذ يتلقى المتعلم الخبرة التعليمية بصورة مباشرة، كما يمكنه أن يتعاون مع فريق التعلم التشاركي في إنجاز مهمة أو حل مشكلة ما، وتلقي التغذية الراجعة من المعلم وأعضاء الفريق في اللحظة ذاتها. هذا ويمكن تقسيم الطلاب عبر الاتصال التزامني في شكل مجموعات تشاركية صغيرة، ويمكن تخصيص أحد الموجهين Mentors أو الميسرين Facilitators لكل مجموعة، بإشراف المعلم، فهم معاونوه وليسوا بديلا عنه.
- التواصل اللاتزامني (Asynchronous): هو نمط يتمثل في عدم تواجد المعلم والمتعلمين وتواصلهما في الوقت نفسه، إذ يتفاعل المتعلم مع المحتوى الرقمي، ويتم التواصل من خلال البريد الإلكتروني، ويحل أسئلة ويقوم بتحميل ملفات معينة على الجهاز الخاص به، كما يمكنه إرسال حل الواجبات للمعلم، ويتلقى تغذية راجعة عنها منه فيما بعد، كما يمكنه الاشتراك مع آخرين بشكل غير تزامني في حل مشكلة وأداء مشروع يتعلق بالبرنامج التعليمي.
وبناء على ذلك، فإن أساليب نظرية التواصل الشبكي تناسب المدرسة الإلكترونية وتطبيقاتها التزامنية مثل القاعات الإلكترونية، واللاتزامنية مثل المنتديات والبريد الإلكتروني.
المدرسة الإلكترونية وقيادة التغيير
ماهية مفهوم التغيير
يعتبر التغيير أحد مظاهر الحياة، وهو أمر حتمي وضروري، فالحياة في طبيعتها متجددة ومتغيرة، ومن ثم فإن المنطق يفرض علينا التغيير باعتبار أنه قاعدة طبيعية وليس استثناء، فعالم اليوم سريع التغيير في كــــــــــــــافة المجالات: سياســــــــية وعلمية وتقنية واتصالية وتشريعية وسلوكية، وتتأثر الدول متقدمة كانت أم نامية، وتتأثر حضارتها بهذا الواقع السريع التغير، فالتغيير عملية مستمرة ومتجددة (عبد الباقي، 2000، 315).
وقد عرف اللوزي (2002، 224) التغيير بأنه “إدخال تحسين أو تطوير على المنظمة بحيث تكون مختلفة عن وضعها الحالي، وبحيث تتمكن من تحقيق أهدافها بشكل أفضل”.
أهمية التغيير
إن التغيير ظاهرة اقتصادية اجتماعية سياسية مركبة تتعدى أهميتها وتتجاوز حدود ما يحققه في الحاضـــــــر وتمتد إلى المســـــــــــــــــتقبل، ويتضمن التغيير مجموعة من الجوانب الأساسية التي تدل على أهميته كما وضح ذلك (الخضيري، 2003 ،23) في الشكل (1) والذي يبين هذه الجوانب كما يلي:
خصائص إدارة التغيير
يشير العميان (2005، 345) إلى أن إدارة التغيير تتصف بعدة خصائص هامة يتعين التعرف عليها والإحاطة بها:
1- الاستهدافية
التغيير حركة تفاعل ذكي لا يحدث عشوائياً أو ارتجالياً، بل يتم في إطار حركة منظمة تتجه إلى غاية وأهداف محددة. لذلك فإن إدارة التغيير تسعى لتحقيق هدف معين وغاية معلومة وموافق عليها ومقبولة من قوى التغيير.
2- الواقعية
يجب أن ترتبط إدارة التغيير بالواقع العملي الذي تعيشه المنظمة، وأن يتم في إطار إمكانياتها ومواردها المتاحة.
3- التوافقية
يجب أن يكون هناك قدر مناسب من التوافق بين عملية التغيير وبين رغبات واحتياجات وتطلعات القوى المختلفة لعملية التغيير.
4- الفاعلية
يتعين أن تكون إدارة التغيير فعــــــــــالة، أي تملك القدرة على الحركة بحرية مناســـــــبة، وتملك القدرة على التأثير على الآخرين، وتوجيه قوى الفعل في الأنظمة والوحدات الإدارية المستهدف تغييرها.
5- المشاركة
تحتاج إدارة التغيير إلى التفاعل الإيجابي، والسبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو المشاركة الواعية للقوى والأطراف التي تتأثر وتتفاعل مع قادة التغيير، ومن ثم إحاطتهم بالمتغيرات والقيود والضوابط التي تحيط بعملية التغيير، وتفهمهم لمتطلباته بشكل سليم ومن ثم تنفيذهم للتوجيهات بدقة وإيجابية فضلاً عن تقبلهم لأعبائه وتكاليفه، ومن ثم تزداد قابليتهم وقدرتهم على مقاومة المعارضين للتغيير، ويزداد استعدادهم للدفاع عن التغيير، وتنفيذ متطلباته. إن المشاركة الإيجابية الواعية تضمن سرعة وتأكيد جودة الإنجاز، كما تضمن في الوقت ذاته الحماية والرعاية، والأمن لعملية التغيير وعدم انتكاسها، ومن هنا تصبح المشاركة درع وقاية وسياج حماية لعملية التغيير وقيادات التغيير والمنفذين له. (الخضيري، 2003، 20).
6- الشرعية
يجب أن يتم التغيير في إطار الشرعية القانونية والأخلاقية في آن واحد، ولما كان القانون القائم في المنظمة قد يتعارض مع
اتجاهات التغيير، فإنه يتعين أولاً تعديل وتغيير القانون قبل إجراء التغيير، من أجل الحفاظ على الشرعية القانونية.
7- الإصلاح
حـــتى تنجح إدارة التغيير يجب أن تتصـــف بالإصـــــلاح، بمعنى أنها يجب أن تســــعى نحو إصــــــلاح ما هو قائـم من عيــــوب، ومعالجة ما هو موجود من اختلالات في المنظمة.
8- الرشد
والرشد هو صفة لازمة لكل عمل إداري، وبصفة خاصة في إدارة التغيير، إذ يخضع كل قرار، وكل تصرف لاعتبارات التكلفة والعائد، فليس من المقبول أن يحدث التغيير خسائر ضخمة يصعب تغطيتها.
9- القدرة على التطوير والابتكار
وهي خاصية عملية لازمة لإدارة التغيير، فالتغيير يتعين أن يعمل على إيجاد قدرات تطويرية أفضل مما هو قائم أو مستخدم حالياً، فالتغيير يعمل نحو الارتقاء والتقدم وإلا فقد مضمونه.
10- القدرة على التكيف السريع مع الأحداث
إن إدارة التغيير تهتم اهتماماً قوياً بالقدرة على التكيف السريع مع الأحداث، ومن هنا فإنها لا تتفاعل مع الأحداث فقط، ولكنها أيضاً تتوافق وتتكيف معها وتحاول السيطرة عليها والتحكم في اتجاهها ومسارها، وقد تقود وتصنع الأحداث بذاتها للإبقاء على حيوية وفاعلية المنظمة.
نبذة عن نموذج هافلوك و زلوتولو
يعد نموذج هافلوك و زلوتولو (Havelock & Zlotolow, 1995) من نماذج إدارة التغيير المميزة، نظرا لما يوفره هذا النموذج من مراحل مفصلة وشاملة يسهل فهمها وتفسيرها، ويوفر المعالم التي يسهل التعرف عليها في عملية التغيير، والشكل (2) يوضح مراحل نموذج – هافلوك وزولوتولو للتغيير- (Havelock & Zlotolow, 1995) كما يلي:
المرحلة (صفر): الاهتمام
يبدأ التغيير كهم أو قلق يشعر الإنسان بأن شيئا ما خطأ، وبأن شخصا ما يجب أن يعمل شيئاَ لتصحيح ذلك الخطأ.
المرحلة الأولى: تأسيس العلاقة
إن البداية المنطقية لمجهود التغيير أو الابتكار يبدأ مع بداية مرحلة تأسيس علاقة مع الجمهور أو النظام المستفيد.
المرحلة الثانية: التشخيص
وهو محاولة فهم الموقف أو الوضع الراهن للنظام.
المرحلة الثالثة: الحصول على المصادر
توجد المصادر في أشكال متنوعة (مواد مطبوعة، مصادر بشرية، منتجات …..) وتحتاج عملية التغيير إلى معرفة القائمين عليها حول متى وأين وكيف يمكن الحصول على المصادر المطلوبة.
المرحلة الرابعة: مرحلة اختيار الحل
بعد تحديد واضح للمشكلة وتوفر معلومات كثيرة، يحتاج النظام إلى أن يستقر على حل لتلك المشكلات وهذا الحل هو بالطبع التغيير أو التجديد المنشود.
المرحلة الخامسة: مرحلة النشر والحصول على القبول
تعتبر هذه المرحلة قلب خطة التغيير، حيث يتم اختبار جميع الإجراءات التحضيرية السابقة عملية لكي يتم التأكد إذا كان لدينا حل (ابتکار) عملي يمكن الاعتماد عليه ويمكن قبوله واستخدامه بواسطة جميع الأعضاء في النظام.
المرحلة السادسة: مرحلة التجديد الذاتي
يعتقد كثير من مسؤولي برامج التغيير التربوي، أن مهمة القائمين على تنفيذ هذه البرامج الجديدة تنتهي بالحصول على قبول الأفراد وتبنيهم للابتكار، وأن النظام المستهدف نفسه يجب أن يضطلع بمسؤولية المحافظة على الابتكار وتشغيله وصيانته. وقد يكون هذا معقولا، ولكن تبقى مهام ضرورية يجب إنجازها من قبل القائمين على مشروع التجديد لكي نضمن استمرارية استخدام الابتكار بالأسلوب أو الطريقة المطلوبة لضمان نجاحه في تحقيق الأهداف.
مراحل دمج المدرسة الإلكترونية في التعليم السعودي العام وفق نموذج هافلوك وزلوتولو
المرحلة صفر: الاهتمام (حفز الشعور بالمشكلة)
يعتبر هافلوك وزلوتولو (Havelock & Zlotolow, 1995, 12) هذه المرحلة مهمة ما قبل الانطلاق في مشروع التغيير، وتحدث عندما يشعر وكيل التغيير بإحساس قوي وقلق جاد حيال الوضع الراهن، فيبحث عن نقاط الخلل الأكثر إعاقة للنظام، حيث يكون التغيير أكثر إلحاحًا. ويجب على وكيل التغيير أن يستمع لأعضاء المنظومة والمستفيدين ليتأكد من أن الخلل المعني خلل جوهري ومؤثر بالفعل. وعليه التأكد من محفزات التغيير المراد تطبيقه.
ولا شك أن المدرسة التقليدية في وضعها الراهن بحاجة للدعم واستحداث طرق جديدة تناسب الجيل الذي ألِف الإنترنت واعتاد عليه. فتقرير هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات (2018) يشير إلى أن خدمـــات الإنترنت تزداد بمعدلات عاليـــة خـــلال الســـنوات الماضية، حيث ارتفعـــت إلى حوالـــي 82 % في نهايـــة العـــام 2017م، ويقـدر عـدد مسـتخدمي الإنترنت في المملكة بأكثـــر مـــن 26 مليـــون مســـتخدم، كما لاحظت الهيئة زيـــادة الطلـــب علـــى خدمـــات الإنترنـــت والنطـــاق العريـــض مع زيــادة الاستخدام والارتباط الكبيــر بقنــوات التواصـــل الاجتماعي واســـتخدام قنـــوات المحتـــوى بحســـب الطلـــب (مثـــل يوتيـــوب، ســـناب شـــات)، إضافـــة إلى الألعاب عبـــر الإنترنت، وأصبـــح المشترك يبحـــث عـــن سـرعات أعلـى وسـعات تحميل أكبـر، ولذلـك زادت كميـة البيانـات المستخدمة بشـكل كبيـر في الســـنوات القليلـــة الماضية. كما قُدِر حجــم الإنفاق علــى الاتصالات وتقنيــة المعلومات في المملكة بحوالـــي 136 مليـــار ريــــال في عـــام 2017م، بمعـــدل نمـــو 4.6% عـن العـام 2016م، ويمثل الإنفاق على خدمـــات الاتصالات حوالـــي 65٪ من إجمالـــي الانفـــاق.
كما أن المملكة تتوجه نحو التحول الرقمي الحكومي من خلال رؤية المملكة (2030)، لمواكبة التطور وإظهار الاهتمام المتبادل بين الأجهزة الحكومية والمستفيدين من المواطنين، إضافة إلى ضمان وصول المعلومة لأكبر عدد وبأسرع وقت وأعلى جودة، وأكد مركز التواصل الحكومي أن المملكة تأتي في المركز السابع ضمن أكثر دول العالم استخدامًا لمنصات التواصل الاجتماعي، إذ يستخدم أكثر من 75% من سكان المملكة هذه المنصات بما يقدر بـ 25 مليون شخص تقريبًا، مبيناً أن الإحصاءات الأخيرة تشير إلى أن المملكة هي الدولة الأولى عالميًا في معدلات ارتفاع استخدام شبكات التواصل الاجتماعي سنويًا بنسبة 32% في مقابل أن المعدل العالمي 13% (العازمي،20،2018).
وقد توصلت العمري والسبسي (6،2012) إلى عدد من محفزات المدرسة الإلكترونية كتغيرات سوق العمل في السعودية، وزيادة الطلب على التعليم، والحاجة إلى التوسع في فرص القبول، وزيادة فرص التعليم للطلبة الذين تزيد عدد سنوات تخرجهم عن السنوات المطلوبة وأصحاب المعدلات المنخفضة، كما أن هناك محفزات اجتماعية لجعل التعليم أكثر مرونة بما يتناسب وظروف المتعلم واحتياجاته، وسد العجز في أعداد المعلمين والمدربين في بعض المجالات، كما أن المدرسة الإلكترونية سبيل إلى التنمية الشاملة، والعمل على مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين وتمكينهم من إتمام عمليات التعلم في بيئات مناسبة لهم، ومواكبة التطورات العلمية الحديثة، وجعل التعليم أكثر مرونة بدون قيود مكانية، وزمانية. واتفق الهندي وجمال الدين وعبد الشافي (2014، 37) في أن المدرسة الإلكترونية تقدم حلا لزيادة أعداد المتعلمين، وتساعد على مراعاة الفروق الفردية. وتعتبر رافدًا كبيرًا للتعليم التقليدي وداعمًا له، كما أنها مناسبة لتعليم الكبار.
ومن أبرز المحفزات أيضا ما تتميز به البيئة الإلكترونية عن غيرها من البيئات التعليمية بعناصر ومثيرات تحفز التعلم وتزيد من التفاعل والدافعية بشكل أفضل كما تزيد التعلم الذاتي والعمل على حل المشكلات، وتوسيع خبرات للمتعلمين في مجالات متنوعة وتعزيز خبراتهم، وتعدد الأدوات المتاحة في البيئات الإلكترونية واستخدام إمكانية الشبكات وأنشطتها، وتسهيل الإجراءات في التشعيب ومتابعة الدراسة وعرض نتائج الاختبارات، وإمكانية الوصول إلى مصادر المعلومات ونقدها من خلال خدمات الويب، كالمدونات والمؤتمرات والمنتديات والدردشات ومشاركة الصور واليوتيوب، مما طور المشاركة لتصبح تفاعلية بين أطراف النظام التعليمي، بالإضافة إلى إمـــــــكانية بناء محتوى تعليمي رقمي وسهولة تحديثه. وتقدم بيئة تعليمية تفاعلية من خلال تنوع التقنيات الإلكترونية، ودعم عملية التفاعل بين عناصر العملية التعليمية وتبادل الخبرات من خلال قنوات الاتصال مثل البريد الإلكتروني، والمحادثة، والحوارات والدردشة الهادفة. (جاد وعاصم، 2015، 42).
وقد توصلت العمري والسبسي (6،2012) إلى عدد من محفزات المدرسة الإلكترونية كتغيرات سوق العمل في السعودية، وزيادة الطلب على التعليم، والحاجة إلى التوسع في فرص القبول، وزيادة فرص التعليم للطلبة الذين تزيد عدد سنوات تخرجهم عن السنوات المطلوبة وأصحاب المعدلات المنخفضة، كما أن هناك محفزات اجتماعية لجعل التعليم أكثر مرونة بما يتناسب وظروف المتعلم واحتياجاته، وسد العجز في أعداد المعلمين والمدربين في بعض المجالات، كما أن المدرسة الإلكترونية سبيل إلى التنمية الشاملة، والعمل على مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين وتمكينهم من إتمام عمليات التعلم في بيئات مناسبة لهم، ومواكبة التطورات العلمية الحديثة، وجعل التعليم أكثر مرونة بدون قيود مكانية، وزمانية. واتفق الهندي وجمال الدين وعبد الشافي (2014، 37) في أن المدرسة الإلكترونية تقدم حلا لزيادة أعداد المتعلمين، وتساعد على مراعاة الفروق الفردية. وتعتبر رافدًا كبيرًا للتعليم التقليدي وداعمًا له، كما أنها مناسبة لتعليم الكبار.