اختر اللغة

البحث

التصميم التعليمي من التلقين إلى التفاعل

*ترجمة وإعداد:أروى نادر بنيـان
أسلوب التصميم التعليمي

مقدمة:

كيف تصمم محتوى إلكترونيا يتسم بالجاذبية والتفاعلية والفعالية في نفس الوقت؟
إنه التحدي الذي يواجه مصممي المحتوى التعليمي الإلكتروني، فكلما بحثنا عن فصول إلكترونية مميزة، نجدها لا تختلف كثيراً عن هيئة كتاب ناطق. نعم إنّه الكتاب ذاته يلقي بالمعلومات إلى المتعلم (تلقيناً) بطريقة ناطقة أو متحركة، ثقيل بما يحتويه من معلومات، ضعيف من الناحية التفاعلية.
إنّ تغييرك للطريقة التي تنظم بها معلومات المحتوى، يمكنك من بناء أنشطة جذابة ولكن هل هي أكثر تفاعلية؟ إنّها عملية تحتاج إلى إعادة التفكير في طريقة التصميم التي تعتمدها. وليس في طريقة عرضك للمعلومات.
لنفترض أنك قمت بالخطوة الأولى (تحليل المحتوى) وأصبحت لديك جميع العناصر المطلوبة:
انطلاقاً من الأهداف، والمعلومات التي ينبغي أن تحقق الأهداف، وانتهاءً بالطريقة التي سيتم بواسطتها تقييم فهم المتعلم.
%d9%86%d9%82%d8%b7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%af%d8%a1
فما الأسلوب الذي تتبناه في التصميم للمحتوى المطلوب؟ سؤال محير؟!
هناك الكثير من الأساليب ولكنها جميعاً تندرج تحت صنفين أساسيين وهي ما تعتمده مواقع التعليم الإلكتروني المتنوعة…

الأسلوب الأول:أسلوب الطرح The Push Approach أو (التلقين)

في الغالب ستجد الكثير من المواقع متشابهة في تركيبها:
تبدأ بالأهداف ثم تقفز إلى تقديم المحتوى، أو إلى سرد المحتوى إن صح التعبير، ثم تنتهي بالاختبار. والنموذج التالي يمثل خط العمل:
%d8%af%d9%81%d8%b9
كما ستجد بعضها تحجز (لعميات المراجعة أو التقويم المرحلي) حيزاً أثناء طرح المحتوى لاختبار مدى تقدم المتعلم، لذا قد تبدو هذه الأنشطة مثالية.

حسناً ما مشكلة هذا الأسلوب؟

يُشبه هذا الأسلوب نوعاً ما أسلوب تصنيع منتج في مصنع، حيث تقوم بتصنيع المنتج الذي يُلبي حاجات المستهلكين عامةً، تماماً كما تقوم بتقديم الأنشطة ذاتها لجميع المتعلمين.
في الواقع ليس هناك شيء سيء في هذا الأسلوب، خاصةً إذا كان تصميم المحتوى مُرْضيا وجذابا بصرياً. بل يُعتبر جيدا خصوصاً إذا لم تكن هناك أي متطلبات لأداء حقيقي في نهاية هذه الدروس. ومن السهل بناء مثل هذه الأنشطة التعليمية لأنك ببساطة تركز على المعلومات فقط.
أما الجانب السلبي في هذا الأسلوب فهو أنك تفترض أن طرح المعلومات بأسلوبٍ واحد يُناسب جميع المتعلمين ويُلبي احتياجاتهم المعرفية والمهارية. ناسياً أو متناسياً كل ما يُقال عن أنماط التعلم المختلفة والذكاءات المتعددة التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند تصميم المحتوى التعليمي، إضافةً إلى مهارات التفكير التي ينبغي أن تُنمى.

الأسلوب الثاني: أسلوب السحب The Pull Approach أو (التفاعل)

يُشبه هذا الأسلوب في طريقة التحضير له الأسلوب الأول ( أهداف – محتوى – اختبار…إلخ)
إلا أنك هنا لا تركز على تصميم محتوى الأنشطة بقدر تركيزك على خلق الأسباب التي تجعل المتعلم يتلقى هذا المحتوى، بمعنى أنك ستقوم بالبحث عن الارتباطات بين احتياجات التعلم ومنحى المادة التعليمية نفسها. أي أنّ المتعلم سوف يتقصى و يبحث عن المعلومات التي يحتاجها.
%d8%b3%d8%ad%d8%a8
من المؤكد ستقول في نفسك رداً على ما سبق عزيزي القارئ: بأننا في هذا الأسلوب سنمكن جميع المتعلمين من الوصول إلى نفس المعلومات فليس هناك فرق!
  • لكن هل فكرت في أنّ لكل منهم تجربة تعلّم خاصة به وهي التي ستفرض عليه تلك الحاجة للمعلومات؟
  • وهل مرتكزاتك المعرفية مطابقة لمرتكزاتي؟ وماذا عن مخزونك المعرفي الذي قد لا يماثل مخزوني؟
  • وشبكتك الذهنية (بوحداتها وارتباطاتها وتفرعاتها) تختلف كثيراً عن تلك الخاصة بي.
و قد يسيء البعض فهم الموضوع ويقول في نفسه: هل المطلوب إعادة تأليف محتوى الكتاب المدرسي؟
والجواب هو لا طبعاً، فكل ما يتحتم عليك فعله هو تغيير الطريقة التي يحصل فيها المتعلم على المعلومات بخلق الأسباب التي تجذب المتعلم نحو المحتوى فيتفاعل معها ليحصل بالنتيجة على المعرفة المطلوبة.

النتيجة : كيف نحصل على متعلم يسحب المعلومات؟

عندما تفكر فقط بطرح المعلومات وتضعها نصب عينك في تصميمك، سوف تقضي كل الوقت في محاولة إيجاد أفضل الطرق لتسليمها للمتعلم و جعلها أكثر ثباتاً لديه.
بينما إذا صممت الدروس لمتعلم يسحب المعلومات أو يحصل عليها بنفسه، فإنك سوف تقضي وقتك في محاولة معرفة كيف يستخدم المتعلم المعلومات، وذلك بتقديم أهمية و ضرورة هذه المعلومات، ومن ثم امنح المتعلم وسيلة للحصول على المحتوى.

ختاماً:

في كلتا الحالتين، أنت تتعامل مع المضمون (المحتوى) الأساسي نفسه، و التغيير يكمن في كيفية التعامل مع هذا المحتوى وهذا هو المكان الذي ينبغي إجراء التغيير فيه، بمعنى: أنك بدلاً من البدء بإنشاء الخطوط العريضة للمحتوى، ينبغي أن تبدأ بسؤال: “كيف تُمكّن المتعلمين من سحب هذه المعلومات؟ أو كيف تجعل المتعلمين يشعرون بالحاجة إلى معلومات المحتوى؟ وليس فرضها عليهم.
قد تحتاج العملية إلى الكثير من البحث ولكننا وجدنا أنّ دراسة الحالات وحل المشكلات وبناء القضايا أو المسائل تمثل بعض السيناريوهات المناسبة لخلق الحاجة للتعلم ودفع المتعلم نحو البحث عن المعلومات والرغبة في الحصول عليها، وإيجاد الدافعية نحو التعلم، وإتاحة الفرصة لتجربة تعلم فريدة من نوعها لكل متعلم.